السياحة الحلال امتدت على سواحل بحار تركيا، سواء مدن شمال تركيا مثل طرابزون و اوردو و سامسون او على ساحل البحر المتوسط مثل مدينة أنطاليا السياحية و مدينة مرمريس التي يأتيهما السياح من كل انحاء العالم و خصوصا من اوربا، حيث تعدان مغناطيس لسيُّاح شمال أوروبا المحرومين من أشعة الشمس، و التي أصبحت وجهة لجذب السياحة الحلال على الرغم من ماضيها السياحي المعروف بعدم ملائمتها للسياحة الحلال.
انتعاش السياحة الحلال في تركيا
الان أعداداً متزايدةً من الفنادق في أنطاليا وما حولها، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، قد بدأت تهجُر مصادر ربحها التقليدية مثل الخمر، لتجذب قائمة عملاء جديدةٍ ومتنامية: السيُّاح المُسلمون.
يمُرُّ السفر الحلال، الذي يُلبِّي المتطلبات الإسلامية، بمرحلة انتعاش. إذ من المُتوقَّع أن يصل حجم سوق السفر الحلال إلى 274 ملياراً بحلول عام 2023، بعد أن بلغ حجمه 177 مليار دولار عام 2017، بحسب أحدث تقريرٍ منشورٍ عن حالة الاقتصاد الإسلامي.
وصل الحجم الإجمالي للإنفاق على أسلوب الحياة الإسلامي و من ضمن ذلك الطعامُ الحلال والأزياء ومستحضرات التجميل ووسائل الإعلام والترفيه إلى قرابة 2.1 تريليون دولار عام 2017، مدفوعاً بالزيادة المطردة في أعداد السكان عالمياً وازدهار الطبقة المتوسطة. ويقول التقرير الذي تُعِدُّه وكالة Thomson Reuters سنوياً، إن قطاع السفر الحلال «يفرد جناحيه عن طريق توفير سياحةٍ ثقافيةٍ وتاريخيةٍ ودينيةٍ وشاطئية. وبرهنت المنتجعات الشاطئية المناسبة للمسلمين على شعبيتها».
الفنادق والطعام الحلال يزدهران في أنطاليا.
القدرة الشرائية للمسلمين أصبحت أقوى من أي وقتٍ مضى، واستجابت عطلات ساحل الفيروز لذلك سريعاً.
إذ حوَّل البعض فنادقهم إلى فنادق حلال، في حين ازدهرت المنتجعات التي بُنِيَت خصوصاً لهذا الغرض.
وتُقدِّم مطاعمهم الطعام الحلال، وتخلو منشآتهم من المشروبات الكحولية.
وتحتوي تلك الفنادق والمنتجعات على غرفٍ للصلاة، ومساجد تذيع الأذان بمُكبِّرات الصوت العامة.
وخصَّصت غالبية المنتجعات حمامات سباحةٍ وشواطئ للنساء فقط، حيث تستطيع النساء الاستمتاع بالشمس وهُنَّ يرتدين ملابسهن الخاصة دون القلق من أن يراهم الرجال.
ويُمنع دخول الصبية الذين تزيد أعمارهم على 5 أو 6 سنوات، وكذلك هو الحال مع الكاميرات والهواتف. وتُفتح النوادي الصحية وصالات الألعاب الرياضية للرجال والنساء في أوقاتٍ منفصلة.
وسائل الترفيه في تلك الأماكن «مناسبة للعائلات».
وقالت بسمة كاهي، مُدوِّنة الأزياء، إن الشكوك ساورتها حول قضاء العطلة في تلك الأماكن سابقاً، نتيجة المصاعب التي تواجه العائلات المسلمة. لكنها تُخطِّط الآن لقضاء عطلة ثانيةٍ مع أصدقائها هناك، بعد أن زارت منتجعاً حلالاً بأنطاليا مع زوجها وابنتها، العام الماضي.
وقالت لصحيفة The Observer: «من الرائع ألا أُضطَّر إلى القلق بشأن الأشياء التي تُهدِّد معتقداتي الدينية».
مسلمو أوروبا يتجهون لأنطاليا
ويقول أُفق سيكجين، من شركة تتخصص بالسياحة المحافظة التي يُلبِّي احتياجات السياح المُسلمين: «يشهد هذا القطاع طفرةً واضحة، نراها ونشعر بها يومياً. وتتزايد أعداد الطبقة المتوسطة المسلمة.
إذ اعتاد الجيل الأول [من المهاجرين إلى المملكة المتحدة] العمل في وظائف قليلة المهارة، لكن الجيلين الثاني والثالث يشهدان زيادةً في أعداد الأطباء والمحامين والعاملين في القطاع المالي.
ويرغب أولئك في قضاء عطلتين أو 3 كلَّ عام، ولا يكتفون بزيارةٍ سنويةٍ لأجدادهم وأقاربهم في وطنهم الأم.
إذ يرغبون في رؤية العالم -قضاء العطلة على الشاطئ أو داخل المدن والتعرُّف على المناطق التراثية- ولديهم أموالٌ يريدون إنفاقها».
وقال سيكجين إن قدرة الأسرة في الفنادق الحلال بطول ساحل الفيروز ازدادت بنسبة 450% خلال السنوات الخمس الأخيرة. وأنشأت الحكومة التركية هيئةً لاعتماد الفنادق والمنتجعات الحلال ومنحها ترخيصاً منذ 18 شهراً.
تمتلك تركيا منتجعاً حلالاً للتزلُّج على الجليد، هو الأول من نوعه في العالم، ويحمل اسم: منتجع أولوداغ.
السعودية في المقدمة
وما تزال السياحة الإسلامية مُوجَّهةً بنسبةٍ كبيرةٍ إلى دول الخليج، حيث تحتل المملكة العربية السعودية المركز الأول، بفضل احتضانها الأماكن الإسلامية المقدسة، في مكة والمدينة، التي تجذب ملايين الحجاج سنوياً.
وحصدت المملكة 21 مليار دولار من إنفاق المسلمين في السفر خلال عام 2017، وتليها الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت في القائمة.
وشملت القائمة دولاً أخرى تجذب أعداداً كبيرةً من المسافرين المسلمين، مثل إندونيسيا وماليزيا وإيران وروسيا ونيجيريا.
لكن الدول التي تضم جاليةً إسلاميةً صغيرةً بدأت تلتفت إلى مستقبل سوق السفر الحلال بشكلٍ متزايد.
إذ يُقدِّم فندقان بمنطقة كوستا ديل سول الإسبانية الطعام الحلال فقط، ولا يُقدِّمان المشروبات الكحولية.
وتنتهج بضعة فنادق في لندن، وغيرها من المدن الأوروبية، سياساتٍ مشابهة.
وتقول سمية حمدي، التي تدير موقع Halal Travel Guide على الإنترنت بجانب عملها موظفةً مدنيةً بالحكومة البريطانية في وايت هول، إن كثيراً من الوجهات السياحية تحتوي على مطاعم وغُرفٍ للإقامة تُلائم المتطلبات الحلال، ولكن كان من الصعب العثور على معلوماتٍ كافيةٍ عنها حتى وقتٍ قريب.
وبدأت سمية الكتابة عن السفر الحلال بعد رحلةٍ على الطريق إلى كوريا الجنوبية واليابان مع زوجها وابنتها عام 2015، وقالت إن ردود الفعل كانت «رائعة».
المسلمون يتمتعون بقوة شرائية عالية
وهناك جيلٌ جديدٌ من المسلمين المتعلِّمين والمهنيين الذين يتمتَّعون بقدرةٍ شرائيةٍ كبيرة، ويرغبون في السفر إلى الوجهات الرائعة التي يرونها على الإنترنت.
«كانت عائلتي تعيش على الكفاف في طفولتي. وكان علينا أن نخدم أنفسنا أو نتناول الطعام النباتي أو الأسماك والبطاطا المقلية في العطلات، وهذا كل شيء. أما الذهاب إلى الشاطئ فكان كابوساً؛ إذ لم يَكُن مفهوم البوركيني قد ظهر آنذاك. ولكن الشركات انتبهت إلى القوة الشرائية المسلمة في ظل زيادة ثراء المسلمين»، تقول سمية.
ويُشكِّل الطعام عاملاً مهماً أيضاً، إذ أضافت سمية: «تُعتبر تجربة المأكولات الجديدة أحد أهم جوانب السفر بالنسبة للجميع. ولا يتعلَّق الأمر بالعثور على الطعام الحلال فقط، بل يجب العثور على طعامٍ محليٍّ أصيلٍ وحلالٍ في الوقت ذاته».
وتابعت أن هناك أعداداً متزايدةً من النساء المسلمات «العازبات والعاملات اللاتي يمتلكن المال»، ويرغبن في السفر بمفردهن أو مجموعاتٍ صغيرة.
في حين يرغب المسافرون الآخرون في «تجارب مُغامرةٍ أكثر، لإثراء الروح والعقل.
وكانت تلبية الاحتياجات الأساسية للمسافرين المسلمين هي السمة المميزة للسنوات العشر الأخيرة. والخطوة التالية هي المضي قدماً إلى وجهات جديدةٍ وتجارب أصيلة».
المصدر: عربي بوست بتصرف